قال ابو فراس الحمداني لسيف الدوله:ان هذا المتنبي كثير الادلال عليك وانت تعطيه كل سنه ثلاثه الاف دينار على ثلاث قصائد,ويمكنك ان تفرق مئتي دينار على عشرين شاعرا يأتون بما هو خير من شعره...فتأثر سيف الدوله من هذا الكلام وعمل به وكان المتنبي غائبا بلغته القصه فدخل على سيف الدوله وانشد
الا مـا لـسيف الـدوله الـيوم عاتـبا***فداه الورى امضى السيوف قواضبا
وكـان يـدني مجـلـسي مـن سـمائه***احـــادث فــيـهـا بـدره والـكـواكـبـا
حـنـانــيك مسـؤولا ولـبـيك داعـيـا***وحـسـبـي مـوهـوبـا وحـبـك واهـبا
اهذا جزاء الصدق ان كنت صادقا***اهـذا جـزاء الـكـذب ان كـنت كاذبا
وان كـان ذنـبـي كــل ذنـــب فـانـه***محا الذنب كل الذنب من جاء تائبا
فأطرق سيف الدوله ولم ينظر اليه كعادته فخرج المتنبي من عنده منغيرا...وحضر ابو فراس وجماعه من الشعراء فبالغوا في الوقيعه في حق المتنبي والذي انقطع ينشئ القصيده التي اولها
وا حــر قـلـبـاه مـمـن قـلـبه شـبـم***ومـن بـجــســمـي وحـالـي ســقــم
وجاء وانشدها وجعل يتظلم فيها من التقصير في حقه مثل قوله
مالي اكتم حبا قد برى جسدي***وتدعي حب سيف الدوله الامم
ان كـان يـجـمـعـنا حـبا لغرته***فـلـيـت انـا بـقـدر الحـب نقتسم
فهم جماعه في قتله في حضره سيف الدولة ولشده ادلاله وإعراض سيف الدولة عنه وصل إلى إنشاده
يا اعدلَ الناسِ إلا في معاملتي***فيك الخصامُ وأنتَ الخصمُ والحكمe
فقال ابو فراس:مسخت قول دعبل وادعيته وهو القائل
ولستُ أرجو انتصافا منك ما ذرفت***عيني دموعا وانت الخصم والحكم
فقال المتنبي
اعيذها نظراتٍ منك صادقهً***أن تحسبَ الشحمَ فيمن شحمهُ وَرَمُ
فعلم أبو فراس انه يعنيه فقال:ومن أنت يا دعي كنده حتى تأخذ أعراض أهل الأمير في مجلسه...فاستمر المتنبي في انشاده ولم يرد عليه وقال
سيعلمٌ الجمـــعُ ممـــن ضمَ مجلسنا***بانني خــيـر من تســـعى به قدم
أنا الــذي نـظــر الأعـــمى الى ادبــي***وأسمعت كلماتي مـن به صمم
فزاد في ذلك غيظا في أبو فراس وقال:وسرقت هذا أيضا فلم يلتفت إليه المتنبي وإنما واصل إنشاده إلى أن وصل
الخيل والليل والبيداء تعرفني***والسيف والرمح والقرطاس والقلم
قال:وما أبقيت للأمير إذا وصفت نفسك بالشجاعة والفصاحة والرياسة والسماحة؟؟تمدح نفسك بما سرقته من الآخرين وتأخذ جوائز الأمير
فقال المتنبي
وما انتفاع أخي الدنيا بناظره*** إذا استوت عنده الأنوار والظلم
فقال أبو فراس:لقد سرقت هذا من قول معقل
إذا لم أميز بين نور وظلمه***بعيني فالعينان زور وباطل
ولكن سيف الدولة غضب من كثره مناقشه المتنبي والتطاول عليه في حضرته
فقال المتنبي
إن كان سركم ما قال حاسدنا***فما لجرح إذا أرضاكم الم
فقال أبو فراس: وأخذت هذا من قول بشار
إذا رضيتم بان يخفى سركم***قول الوشاة فلا شكوى ولا ضجر
فلم يلتفت سيف الدولة إلى ما قاله أبو فراس الحمداني وأعجبه بيت المتنبي ورضي عنه في الحال وأدناه اليه وقبّـل رأسه وأجازه