أفسدت الحركه الشعبية – مقدماً – مؤتمر جوبا المقرر له منتصف هذا الشهر والذى كان من المقرر أن تحضره كافة القوى السياسية السودانية حاكمة ومعارضة لبحث القضايا المطروحة على الساحه ! إفساد الحركه الشعبية للمؤتمر مقدماً جاء عن طريق اعدادها لأوراقه ومخرجاته وكافة القرارات المتعلقه به مسبقاً برؤيتها وحدها وبنظرتها .
ومن المؤكد أن هذه الخطوة ( غير الديمقراطية ) بل والتى لا تحترم أوزان القوى السياسية وعقولها ، قضت على جزء كبير من المؤتمر فى مهده . حيث أبدت عدداً من القوى السياسية رفضها المشاركه فى مؤتمر جرى اعداد قراراته ومخرجاته من جانب قوة سياسية واحدة ، وبطريقة منفرده قبل التئام شمل القوى السياسية جميعها .
وقد قال أمين العلاقات الخارجية بالمؤتمر الوطنى د. مصطفى عثمان اسماعيل ان حزبه من الممكن أن يشارك فى المؤتمر اذا سبق ذلك اعداد لأوراقه وشارك فى اعدادها . والواقع ان قضية مؤتمر جوبا هى فى الحقيقة انعكاس للأزمة السياسية داخل القوى السياسية السودانية التى لا تعرف الممارسة الديمقراطية ،ففتقار القوى السياسية للديمقراطية هو الذى جعل من قضية الممارسة الديمقراطية الحالحقه فى السودان أمراً صعباً ومستحيلاً .
فهذا مؤتمر لأحزاب سياسية سودانية الغرض منه مناقشة أمور تتصل بالتحول الديمقراطى باعتبار أن السودان يتجه الآن نحو انشاء ديمقراطية تبدأ بالعملية الانتخابية المرتقبة فى العام المقبل ، مؤتمر بهذه الأهمية وربما تشكلت من داخله قناعات وتحالفات جديدة تقوم جهة واحدة – هى الجهة الداعية للمؤتمر وحدها – بدعوة أطرافه ولكنها تسبق ذلك بالاعداد للمؤتمر ، وتحضير مقرراته وقراراته ونتائجه وحدها ومن وجهة نظرها وتريد من الذين يحضرون أن ( يبصموا ) على ورق المؤتمر ! هذه هى الأزمة وهذا هو جوهر المشكل السوداني
فالأحزاب والقوى السياسية تريد الديمقراطية لنفسها هى وحدها فقط ولكنها لا تريدها للآخرين ، ولعل هذا ما جعل من مؤتمر جوبا أضحوكة بحق وحقيقة ، حيث تتشرق الحركه الشعبية وتدعى أنها قائدة التحول الديمقراطى وسيدته ، وفى الذى لا تؤمن هى نفسها بهذا التحول الديمقراطى ويبدو أن كل القوى السياسية التى كانت (تجامل) الحركه الشعبية وبدت نفسها الآن فى ورطة سياسية حقيقية لافكاك لها منها فقد فسد مؤتمر جوبا وكان من المؤمل أن يضع هذا المؤتمر لبنات جيدة لبناء تحالفات مستقبلية قائمة على أسس جيدة وقوية تزيل عن السودانيين هاجس التشرذم والإنفصال ولكن الحركه الشعبية أرادت غير ذلك !