[size=16]شددت الصحفية السودانية لبنى أحمد الحسين، في تصريحات لـCNN بالعربية الخميس، على رفضها الاستفادة من الحصانة الدولية، كموظفة بالأمم المتحدة، لتجنب معاقبتها بالجلد، بسبب ارتدائها "بنطلون"، مؤكدة أن ملابسها "محتشمة" وترتديها الآلاف غيرها.
وقالت الصحفية السودانية إنها اختارت أن تتخلى عن الحصانة التي تتمتع بها كونها موظفة بالمكتب الإعلامي التابع لبعثة الأمم المتحدة في الخرطوم، بعدما منحها القاضي الخيار في الاحتفاظ بحصانتها أو التخلي عنها، معربة عن رغبتها في أن تجري محاكمتها كمواطنة عادية، بهدف "إظهار ما تعانيه المرأة في السودان."
كما أبدت رغبتها في أن يتم توقيع عقوبة الجلد عليها، في حالة إدانتها، علناً، مشيرة إلى أنها أرسلت آلاف الدعوات إلى نشطاء دوليين وسودانيين لحضور محاكمتها، في خطوة تهدف إلى الضغط على حكومة الخرطوم لتجميد العمل بالمادة 152 من قانون العقوبات، التي تجري المحاكمة بموجبها.
وفيما اعتبرت لبنى أن هذه المادة، التي تقضي بجلد النساء، تخالف الدستور وتتجاوز الحريات، ومن شأنها تكريس العقوبة على فتيات أخريات"، فقد وصف محاميها نبيل أديب المادة نفسها بأنها "ليست لها أهمية، بل مخزية ومثيرة للخجل، كما أنها تتضمن كثير من الانتهاكات"، داعياً السلطات السودانية إلى ضرورة وقف العمل بها.
وخلال الجلسة الأولى التي عقدتها المحكمة الأربعاء، حضرت لبنى مرتدية نفس الملابس التي ضبطتها الشرطة بها، وهي عبارة عن بنطلون فضفاض، ووشاح تقليدي يخفي معظم ملابسها، وأكدت أنها غير مذنبة، معتبرةً أن ملابسها لائقة، وترتدينها الآلاف غيرها، كما أنها ترفض معاقبتها بالجلد.
وقالت في تصريحاتها لـCNN بالعربية عبر الهاتف من الخرطوم، إنها حضرت جلسة المحكمة برفقة محامي الدفاع الخاص بها، ومحامي آخر يتبع لبعثة الأمم المتحدة، والذي طالب المحكمة بتفعيل الاتفاق الموقع بين الحكومة السودانية والأمم المتحدة، والذي يقضي بعدم محاكمة الموظفين الأممين إلا بعد إجراءات معينة.
وذكرت أن المحكمة خيرتها بين الاحتفاظ بحصانتها أو التخلي عنها عبر الاستقالة من الأمم المتحدة، إلا أنها اختارت أن تواصل عملها دون حصانة، كما أكدت أنها ستعود إلى العمل بشكل فاعل في مهنة الصحافة، وعبرت عن امتنانها للمنظمات التي ساندتها، قائلة إنها لمست "دعماً شعبيا فاق التوقعات."
وقرر رئيس المحكمة تأجيل نظر القضية إلى الرابع من أغسطس/ آب المقبل، بعدما طعن ممثل الإدعاء في طلب قدمه محامي بعثة الأمم المتحدة، بدعوى أن "المتهمة" عندما تم إلقاء القبض عليها لم تفيد بأنها تعمل لدى المنظمة الدولية، كما أنها لم تقدم بطاقة رسمية تفيد بذلك.
وكانت الشرطة السودانية قد ألقت القبض على لبنى الحسين مع 18 فتاة أخرى، منهن مسيحيات من جنوب السودان، في الثالث من يوليو/ تموز الجاري، أثناء حفل عام، تطبيقاً لمادة في القانون تعتبر "ارتداء ملابس مخالفة للنظام العام والآداب، موجباً للجلد."
ولكن لبنى، التي عادت إلى منزلها بالخرطوم بعد جلسة المحاكمة، قالت لـCNN في وقت سابق الأربعاء، إن السلطات أطلقت سراح ست فتيات، بينما تم جلد عشر أخريات، بـ40 جلدة، فيما رفضت هي واثنتان أخرتان تلك الاتهامات، وطلبن محامين وإحالة القضية إلى المحكمة.
من جانبه، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن قلقه إزاء ما تتعرض له الصحفية السودانية، وقال إنه ملتزم باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لحماية الموظفة بالمنظمة الدولية ومنع تعرضها للخطر، معتبراً أن عقوبة الجلد "ضد المعايير الدولية لحقوق الإنسان."
ويجرى تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في شمال السودان، بينما جرى إعفاء الجنوب، الذي تقطنه أغلبية مسيحية أو وثنية، من هذه الأحكام، وفقاً لاتفاقية السلام الموقعة عام 2005، التي أنهت حرباً أهلية دامت عقوداً بين الشمال والجنوب.
وكانت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان قد أعربت عن قلقها تجاه قرار إحالة الصحفية لبنى الحسين للمحاكمة بتهمة "ارتداء ملابس تخدش الحياء والذوق"، معتبرة أن قانون النظام العام هناك شرع لـ"اضطهاد وإذلال وتقييد حرية المرأة، ومنعها من المشاركة في الحياة العامة بطريقة تكشف عن ذهن بوليسي."
[/size]